برفقة تارا ويستوفر … من جديد!

عندها فقط فهمت، كما لم أفهم من قبل، بأنه على الرغم من أنني تخليّت عن عالم أبي، فإنني لم أجد بعد الشجاعة الكاملة حتى أعيش عالمي

هكذا تصف من جديد تارا ويستوفر، مرحلة الـ بين- بين، التي يعايشها الجيل الذي لا يريد تكرار دوائر الجهل والإساءة، وفي نفس الوقت سيكون عليه أن يعيد تعريف كل شيء من جديد، و -بشجاعة!- أن يعيش عالمه المستجد!

تنحدر تارا ويستوفر من عائلة مورمونيّة، وهي عقيدة مسيحيّة تتبنى نمط حياة متشدد، تنشغل فيه النساء فيما يلبسونه، ودرجة اللون والقصَّة، فقط للنجاة من سياط حكم المجتمع والسياط الحقيقية لذكور العائلة، تقول في فصل كامل اسمه: “الحذاء الكريميّ” أن والدتها كانت تقضي النهار كلها مترددة في الحكم على لون الحذاء هل هو أبيض أم بلون الكريمة؟ هل درجة اللون تعبّر عن احتشامها أم فجورها؟ وكيف ذلك أوردها موارد القلق والرهاب الاجتماعي. بينما كبرت يارا وهي تشعر أن كل عضو في جسدها هو “حرام” أو مشروع تحريم على الأحوط، شيء يشبه عنوان الفصل 31: “مأساةٌ ثم مهزلة”

أفكّر لو كان لنا أن نستكشف هذه المرحلة البينيّة، فأجد أننا ننتقل فيها من تبجيل موروثنا إلى التفكّر فيه، ثم نبذه، ثم الحنين إليه! ، ثم التباين عنه، وفي كل هذه المراحل نحن نعرّف هويتنا عن طريق تعريف علاقتنا بالموروث من الأب، من الأم، من الدين والمجتمع، تشبه عنوان الفصل 24: “فارسٌ هائمٌ على وجهه” ، حتى نصل إلى الضفة الأخرى وهي التي نستطيع أن نعرّف أنفسنا وأفكارنا ومشاعرنا دون تحديد علاقة ضرورية من الدائرة التي نزعنا عنها!

شيء خطأ:

تجد تارا ويستوفر في نفسها شغفاً لتعلّم التاريخ والسياسة، تجد حرجا من هذا الميل لأنه لا يتوافق مع فكرتها عن : “ماهي المرأة؟” الذي بالكاد يكون مقبولا لها أن تحب الانجاب والأبناء، تسأل زميلا يدرس الحقوق : “ ماذا لو كنتَ امرأة وتحب دراسة الحقوق؟” يجيبها قطعا: “حينها سأكون امرأة معطوبة، سأعرف أنه يوجد خطأ في تكويني

أكاد أجزم، أن كل امرأة أعرفها، من مجتمعات وأديان مختلفة، تكون قد مرّت بلحظة كهذه، لحظة شعرت أن هناك خطأ في تكوينها، أنها معطوبة، فقط لأنها استكشفت في نفسها زوايا أحبتها، مثيرة للحماسة، لكنها تخرج بالكامل عن تعريف “المرأة” الذي ردده والدها، ولم تقاومه أمها، وصرخ به مجتمعها. يقول د. عماد رشاد في كتابه – الذي نطمس جميعا عنوانه- : “قد كان ينبغي عليهما – الأب والأم أو علاقاتنا الأولى- أن يساهما في صياغة الإطار المحدد لذواتنا والقالب الذي يمنح نفوسنا شكلا وهيئة …. وحينها بات لزاما علينا إن أردنا النجاة والمواصلة أن ننشيء ذاتا بلا رسوم مسبقة، ولا أنموذج تصوري، وبلا إرشادات، أيّ صعوبةٍ تلك… ورغم كل هذا، قد قامت تلك الذات

أود لو أستطيع أن أقول لكل امرأة شعرت في لحظة ما أنها (ليست امرأة) وأنها بها (شيء خطأ) لأن التعريف الذي تصندقت داخله ضاق عليها، أقول لها: أنت امرأة شاسعة، أبعد من حدودهم، وأقرب من قيودهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.