عشرون يوما من التدوين| 19: في حضرة رجل يبحث عن نصّه المثالي..

تناصّ لقطعة بعنوان: اخرج مع فتاة تحب الكتابة ت: محمد الضبع

أُعيذك من حبّ شاعر، ليس بنفس القدر الذي أعيذكِ به أن تتقاسمي موعدا مع رجل تلتف الكلمات حوله كجواري تم بيعهن مرّة أو مرتين، نصف كلامه مُرتجل بعناية والنصف الآخر ملغّم بالاقتباسات، الذي يستمتع بأن يقول لك أكثر مما يستمتع بأنكِ تُصغين إليه، إنه حتى لم ينتبه لذقنكِ الناعم المستند إلى كفّك وأنت ترقبينه، لم يلاحظ بعد كُحلكِ المتقن وعينيك المولعتين، لكنه ينتبه كثيرا إلى المجاز المركّب في العبارة التي يريد أن يعرضها عليكِ تاليًا، هل تدركين ذلك؟ إنه يقدّم لك مسرحا من الكلمات، مسرح مبهر للغاية، منحكِ تذكرة صفّ أول مجانيّة وهو يعتقد أن عليك أن تشعري بالحظ الوافر لأنه فعل ذلك بينما تنتظر بقيّة الفتيات مروره ليصرخن باسمه، وبين كل ستارٍ وآخر سيكون عليك أن تصفّقي، لا تواعدي رجلا يحبّ الكتابة ويريدكِ أن تكوني جمهوره الأوحد، أنتِ لستٍ مجرد فتاة تشجيع.

ستكتشفين أنه يسألك سؤالا ثم يلقّنك إجابة أنيقة تتّسق مع سؤاله المحبوك وذلك في أحسن الأحوال، غير ذلك سيلتقط الإجابة من فمكِ وينسبها إليك، سيسألك: كيف حالك اليوم؟ وعندما تشرعين في إجابة موجزة، سيقول: كان يومي سيئا، تصدقين؟ ستصدقين .. لأنها تلك هي الطريقة الواحدة لاسترسال الحديث معه، أن يتراخى هو تحت الضوء ويخبرك أن لديه ظلّ دافئ ييق بجميلته، لكنكِ لم تشعري بسخونة الموقف بعد، الظل بارد، أليس كذلك؟

تتناولين يده بيديكِ، بينما تشعرين أنك قد أخذتِ، يشعرُ هو أنه أعطاك، إنها مجرد مُناولة عفوية.. ستعتقدين، لكنها ثلاثة أكف لا أربع ستدركين لاحقا، وعندما يقبّلك لن يترقب لمعةَ عينيكِ لأنها يفترضها مسبقا، ما الذي سيقلقه من ردة فعل فتاة التشجيع؟ لا شيء. لن يلاحظ أنك تكرهين تقديم القُبل كفصول في كتاب، كمجاز، كنصّ مسجوع مكرر، لن يلاحظ أنك أحببتيها مجرّدة، مُسترسلة، كحكاية ينطوي حدثها المفاجئ في السطر الأخير، كنّص مفتوح. وقصيدة تفعيلة لم تخلُ من وقع الجرْس دون أن توغل في رتابة القافية، لن يلاحظ شيئا من ذلك.

إنه يحب الكتابة، يعيش عمره باحثا عن نصّه المثالي، ستجدين أنكِ الحرف التاسع والعشرين الذي يرجو منه أن يصنع معجزته التي لن تكون، ثم سيلومكِ بغضبٍ عبثي سرعان ما يسكن، فهو يريد أن يكتبك رغم ذلك، وهذه فرصته الذهبية. وإنّك ستجدين رغم كل ذلك الدروان سببا للولعِ به، هناك دائما سبب للولعِ برجل يحبّ الكتابة، ليس في هندامه بالتأكيد، ولا في لطافته المبالغ فيها مع كل فتيات التشجيع على الجملة، هناك دائما سبب كامن سيدفعكِ إلى الجنون، سترينه دون أن يعرف ذلك، ستلمسينه في قلقهِ من تفويتكِ، في خضوعه الدائم للاستهداء نحو قِبلة تلم شتات جهاته، لن يخبرك أنكِ قِبلته لكنك ستكونين كذلك بالفعل، الذي يقع في دوامة الكتابة سيضجّ رأسه بالدْوران والقلق وستكونين نقطة ثباته.

هناك دائما سبب للولع برجل يكتب رسالة نصيّة تحوي اسمك فحسب، لكنه سيرنّ في قلبك كما لو أنه يشدّ حبل نجاته بكل مافي الكتابة من غرق.