أمزجة رديئة –

عندما كنت أفكّر في تدوينة السبت، ليست هذه هي الفكرة التي جالت بخاطري، ففي منتصف هذا اليوم حدثت لي حادثة مزاجيّة غامضة تعثر فيها مزاجي بشكل حاد، استغرقت في الحزن وفي الألم من شيء لا أفهم مصدره تماما، وإن كان يمكنني تخمين تداعياته، صرت أدور في شوارع الرياض بلا هُدى، أريد لهذا المزاج الرديء أن ينضبط، استدعيت قائمة التحسين الطارئة: أغاني أحبها، محادثة الأصدقاء، مقابلتهم، كل ذلك لم يجدِ؛ هذا يعني أن عليّ اللجوء إلى قائمة التحسين الأكثر تعقيدا

كلنا نخوض تجارب أمزجة رديئة تداهمنا بلا موعد؛ عندما أتصفح دفتر يومياتي أجد عددا من الأيام البهيجة، وعددا من الأيام الصعبة (أحدها صورته مرفقة بهذه التدوينة)، كلاهما يتطلبان منا استجابة نوعية لمعالجة التجربة بأقل قدر من الأضرار، قد تكون الأسباب بيولوجية بحتة: نوم متعكّر، دورة شهرية (تحدث للرجال أيضًا – اقرأوا فيها) ، إفاضة هرمونية من أي نوع آخر، طعام لا ترحب به أجسادنا، هذه الأسباب البسيطة التي لا نلقي لها بالا قد تكون محركا أساسيا في مزاجنا اليومي، ناهيك عن التدخلات الخارجية. كلنا نختبر ذلك لكن ليس جميعنا يعي به، أعتقد أن الوعي بأنك تمر الآن بمزاج رديء هو الفارق الفاصل في تحسين جودة حياتك، يليه تطويرك لسلسلة من الاستجابات النفسية والسلوكية التي تساعدك على تخطي هذه الأوقات، ولعن الظلام بالمرة، في حال لديك خطة انقاذ لمزاجك سأمتن لو تكتب عنها في مدونتك أو تكتبها لي، هذه خطتي:

الاعتراف:

ذلك أحد مراتب الوعي، أتوقف فورا عن المحاولات المستميتة في تحسين مزاجي، أتوقف للحظة أخبر نفسي فيها أن هذا الوقت هو أحد الأوقات الصعبة، أنه سيمرّ ، أن عليّ أن أستضيفه وأتركه يعبر دون مبالغة في المقاومة.

لا بأس بالحزن:

 لا أطالب نفسي بالانشراح المطوّل أو الانفتاح الاجتماعي تجاه اللقاءات (العزائم)، أقوم بإلغاء الارتباطات القريبة (خلال اليوم الأول من المزاج الرديء) تلك إحدى دفاعاتي الفعالة، لأنني لا أجيد التزييف، عندما تلتقي بي وأنا حزينة، سترى ذلك بيانا، وأنا لا أريد أن أضع نفسي في موقف أشرح للآخرين حالة مزاجية أنا نفسي لم أفهمها بعد، هل يجب أن أفهمها أصلا؟ لا. إذن لا بأس، سأقضي وقتا في اختبار الحزن الشفيف

تحديد المدة:

وهذه مرتبطة بالنقاط السابقة والنقاط التالية، من المهم جدا التعامل مع  التقلبات المزاجية باعتبارها حالة مؤقتة، الاستغراق فيها قد يقودك إلى الاكتئاب، بالنسبة لي لدي عهد قطعته على نفسي منذ 9 سنوات، ألا أضع  رأسي على وسادتي وأنام إلا وأنا هانئة وأشعر بالراحة، ليس بالضرورة البهجة والسعادة، إنما الراحة، التسليم، الانسجام. لذلك يوم واحد فقط هو المدة القصوى لاستضافة الأمزجة الرديئة، قد أصحو بشكل غير مطمئن، لا بأس يوم آخر أبدأه من جديد، وأنهيه بذات الطريقة.

مراقبة النمط:

مثلا: الإفاضة الهرمونية لديها نمط، يتأثر المزاج بفعله، لدي تطبيق لمتابعة نشاطي الهرموني، أغذيه بالبيانات التي استخدمها لاحقا في تفسير مزاجي عندما لا يبدو مفهوما، إدراك هذه الحقيقية الطبيعية حسّن نوعيا جودة حياتي، حتى أنني بدأت أتابع لأصدقائي أنماطهم: لقد أخبرت صديقي ذات مرة هذه الجملة: في آخر 10 شهور، كان مزاجك يتقلب ويسوء من اليوم السابع عشر حتى الواحد والعشرين. وأخبرته أنني سجلت تاريخ كل مرة جائني فيها منهارا كارها لحياته ووظيفته وكل خياراته. ( تحمست  : ) ) فعلت ذلك لأقنعه بأهمية مراقبة النمط.

التخفّف من المسؤولية:

لا شيء في الدنيا يعادل صحتك، ولا أفهم لماذا حتى الآن يتم منح الإجازات المرضية فقط للتعب الجسدي، بالنسبة لي أحاول إشاعة ثقافة الصحة النفسية في كل مكان أعمل فيه، عندما أحتاج إلى الراحة أخبر الفريق بأن ذلك لمصلحتي النفسية. وكشخصٍ كمالي (Perfectionist )  كنت أجد صعوبة في تخطي فكرة تعليق الأعمال، لكنني تجاوزتها عندما أعليت من قيمة صحتي.

التوقف عن حسم الأمور:

مادام ذلك لمدة محددة، ما الضير في أن تدع نفسك تختبر هذه الحالة؟ دع الأمور تمضي، ليس ضروريا أن تقرر اليوم هل أنت في الوظيفة التي تتمناها، هل شريكك هو الأنسب لك، هل أصدقاؤك داعمون كما تحب، هل أنت في مقام أقرانك، من طبيعة الأمزجة الرديئة أنها تفتح لك جميع الأدراج للملفات الشائكة، وتشعرك بالضرورة، ضرورة أن تفعل شيئا، حسنا .. لا تفعل أي شيء!

هدر الوقت:

 اسمح لنفسك بممارسة كل الأمور التي لا تعتقد أنها هادفة، اقطع التزامك الغذائي الصحي، اكسر روتينك، يوم أو يومان لن تنتهي فيهما الدنيا

أشياؤك المحبّبة

في مقابل السماح للمزاج السيء في أن يكون، عليك أن تخلق مزاجا مقابلا للأمور التي تجلب لك الراحة، وأن تستدعي أشياءك المحبّبة، يجب أن تحتفظ بها كقائمة مكتوبة: مشاهدة فريندز أو ساينفيلد، المشي، الانجاز مهما كان صغيرا، القراءة، وجبة برسكت طري،، احتضان من تحب، بدء مسلسل جديد على نتفلكس …

قم بتغذية روحك بأنشطة تساعدك على رؤية الحياة من جانب آخر؛ هذه ليست كل الخطة التي أمارسها، لكن ذلك يكفي الآن، لأن غرضي من التدوينة كان الكتابة عما أشعر به لأتخطاه، وأعتقد أنني تخطيته عند هذا الحد من الكتابة … مساء بهيج.