موازنة

الموازنة التي أرجوها عند بذل جهدي في تشكيل هويّة هذا العقل، هي ألا أفقد – تبعًا لذلك – طَيْشي، أن تكون حماقاتي جزءً غير شاذّ في وعيي، ألا تهدأ فورة الأدرينالين في دمي، أن تبقى نزعاتي مندفعة بسرعة الذهول نحو طرف الهاوية، وأن يبقى رأسي قَلِقًا مليئا بالأحلام، بالأفكار القذرة، وعندما تحضر النباهة لا أريد أن أمتنع عن القفز نحو المجهول بدافع المزاج، والمزاج فقط.

أريد أن أرى الصواب كما هو، والخطأ كما هو، ثم أختار أن أُخطيء لأن ذلك ممتع في كثير من الأوقات، وأعود لأُصيب لأن على الأمور أن تبقى في مسارها الصحيح رغم ذلك.

أريد لفهمي أن يسبق توضيحك بجُملتين، مع ذلك أستمر بالإصغاء، لأن الإصغاء ممتع، وبدقة أكثر: الفوز في الوصول إلى خط نهاية الفكرة قبل وصول تعبيرك هو الممتع، هذه الانتصارات المهمّشة أكثر قيمة من الفكرة ذاتها مهما تكن، ولا أريد أن أتوقف عن المجازفة لأنني أجيد التحليل. أحبّ الجداول والمنظّمات أحب س وَ ص وبما أنّ ..فإنّ ، مع ذلك لا أريد أن أفقد حماسي لمجرد التخمين، لخسارة مبلغ مالي في مراهنة عمياء. وأجرؤ أن أقول أن بناء الوعي وغايته ليس أن يجعلك أكثر جمودا وأكثر صوابا وأكثر انضباطا، الوعي غايته أن تكون عليمًا بما يدور في رأسك، أن تفعل ما تفعله بأقصى ما تكون إرادتك، الوعي ليس صفة قيميّة.

قد أكون محظوظة للغاية لأن موازنة من هذا النوع، لا تبدو جهدا مُعاكسا بالنسبة لي، ولا موازيا، بل هو مسار متناغم، لا أشعر بانفصاله، وأحب تناقضاته، ولا أجد مشكلة فما دمتُ أردتُ ذلك فهو أمر واعٍ! إنني ذلك الشخص الذي ينزعج عندما يفعل أمرًآ خاطئًا لأنه فعله بشكل رديء، وليس لأنه خطأ، لذلك غالبا ما أحرص على الأخطاء الرائعة، الاستثنائية، على تجميع الكثير من الأعياد مزينة بباقاتٍ من الحكمة والصّواب. أريد أن استمر في استكشاف قيمة الأشياء ثم أفعل ما استلذّه منها بغض النظر عن تلك القيمة، ثم أعود وأقدّرها بحسب قيمتها، دون مساءلة، ذلك ما يوازن بقية الأيام، وبقيّتي.

One thought on “موازنة

  1. أريد أن أرى الصواب كما هو، والخطأ كما هو، ثم أختار أن أُخطيء **

    هذا الاقتباس الذي توقفت طويلا أمامه،
    قد يكون الخطأ هو الصواب الذي نتبعه دون أن نعلم،
    ثم نعمل الخطأ وهو الصواب الذي لا نعلمه.

Comments are closed.