عشرون يوما من التدوين| 15: حيّز إضافي…

تتكئ على طرف الكرسيّ المجاور لكرسيّك ممارسا استبدادك المُبرَّر، فكونك تذهب إلى مقهاك وحيدا يعطيك ذلك ميزة احتلال مساحات تتجاوز مساحة فردٍ واحد، ولأن المقهى يحترم زبائنه لن يخبرك صراحةً أنك بالفعل تشغل حيّزا إضافيا، لكنك ستلاحظ أن الفاتورة ستأتي إلى طاولتكَ قبل أن تأتي للطاولة المجاورة لك رغم أنك جئت بعدهم وأيضا رغم أنك تفكّر في تحليّة إضافية، يمكنك أن تعتبر الجملة السابقة تلميحة: عندما يحضر النادل فاتورتك قبل أن تطلبها، أخبره أنك لست جاهزا للذهاب وأنك تفكّر في طلب جديد، حتى وإن كنتَ لن تفعل، دافِعْ عن حيّزك الإضافي يا صديق. طبطب على كرامة وِحدتِك.

تغلق شاشة جوّالك، تقلبها على الطاولة، لا تريد لأي تنبيهاتٍ أن تجرّ رأسك للأسفل لمتابعتها، كالثلاثةَ عشرة زومبي الذين يملأون الطاولات من حولك برؤوس متهادية نحو الأسفل، هل افتقدت مثلي التقاط وجوهٍ عابرة؟ ملامح غريبة؟ عينين تصطادهما غفلة من صاحبهما فيصطادانك، لا يكاد قلبك يتحفز نحوهما حتى يتركانه كشريد؟

بعد إعادة الفاتورة، تقرّر أن الوقت ملائم لتوسعة أراضيك، تمدّ ساقيكَ متقاطعيْن على الكرسيّ الثالث عن يسارك، على عرش أناكَ يغازلك طيفٌ شعوريٌّ رقيق أنك – بحركةٍ بسيطة- قد ملكت العالم للتو ، أنت لا تكذّب الأمر تماما في نفسك، لكنك لا تتمادى فيه، تبتسم لدغدغةٍ الفكرة فتضحك لجنونها، ترفع عينيك تتأكد أن أحدا لم يشهد مراسم التنصيب هذه، فتعود عيناكَ عودةَ شريد، اصطادهما شاهدٌ، يبتسم لك، ها قد حصلت على بطاقة التصويت الأولى لصالحك.

تجهّز محفظتك، لتغادر كل هذا الصّمت المتحرّك كعرائس، لتجد أن فاتورتك قد دُفعت،تعقد حاجبيك متحمّسا: ” ها قد بدأت اللعبة” ، تعيد المحفظة إلى جيبك راضيا بحصولك على الرّشوة الأولى، كمَلكٍ مُنذ عشرين دقيقة فحسب…